الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و آله و صحبه و من اتبع هداه.
لا حرج فى تباين النظر الفقهى، و لا تثريب على الناس تجاه قضية من القضايا إذا تباينت عواطفهم تجاهها ، و لكن يجب أن يحاط هذا النظر و هذه العاطفة بأدب الخلاف و احترام كل طرف للآخر، و عدم إساءة الظن به ، بل ينبغى إحسان الظن ، لا سيما إذا خلا تاريخه و حاضره من أى شائبة من تلوث أو خيانة لدينه أو وطنه ، و تشهد السنة على كلا الأمرين الفقهى و العاطفى .
أما الأول الفقهي: فحديث النبى صلى الله عليه و سلم ( لا يصلين أحدكم العصر إلا فى بنى قريظة ) البخارى و مسلم .
اختلف الناس فى تطبيق الحديث كما هو معلوم ، وفعل كل منهم ما رآه صوابا ، مخالفاً للآخر بلا إساءة و لا تسفيه ، بل لما علم النبى صلى الله عليه و سلم بذلك لم ينكر على أحد منهم .
و أما الأمر الثاني العاطفي : ، فما جرى من اختلاف بين الصحابة فى أسرى بدر معلوم ، و على رأس كل فريق علم من الأعلام ، سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله عنه على رأس المتسامحين و المتعاطفين للقربى و الرحم ، و سيدنا عمر الفاروق رضى الله عنه على رأس الآخذين بوجوب قتل أسرى المشركين لاعتبارات ليس هنا محل ذكرها ، و لم يسيء أى الفريقين للآخر ، كما لم ينزل من السماء عتاب على هذا الاختلاف ، بل نزل الترجيح لما ذهب إليه عمر الفاروق رضى الله عنه ، وعلى الرغم من ميل رسول الله صلى الله عليه و سلم لقول أبى بكر فى بداية الأمر.......
و كذلك ما جرى قبل صلح الحديبية وبعدها من عواطف جياشة، و كيف رشد النبى صلى الله عليه و سلم هذه العواطف و وجهها لما يحبه الله تعالى و يرضاه .
وبناء عليه يجب علينا النظر بعين الاعتبار و الاتعاظ لما جرى لرئيس مصر السابق ، و رؤية فعل الله تعالى الجبار، حتى نزداد إيماناً و تصديقاً ، و سبحان الله من لا يزول ملكه ..
و من عجيب القدر، أنه من كان مواظبا على قراءة جزء كل يوم منذ بداية رمضان ، سيجد الآيات التالية جاءت في الجزء الثالث ، وهو نفس يوم المحاكم ( قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء و تنزع الملك ممن تشاء و تعز من تشاء و تذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شىء قدير ) آل عمران . الآية :26
نقول للمتعاطفين الرافضين المحاكمة أين أنتم من قوله تعالى ( و لا تأخذكم بهما رأفة فى دين الله إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر ) ؟؟ النور. الآية :3 ، و إن كانت خاصة فى الزنا ، إلا أنها عامة فى كل حد من حدود الله .
نقول لإخواننا المتعاطفين ، العدل قيمة و مكانة فى ذاته ، و به صلاح الدين و الدنيا معاً ، و فلاح الفرد و المجتمع ،،
و لهذا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( و أيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) البخارى
أتدرون من فاطمة ؟؟، أحب الناس و أقربهم إلى قلب رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و تأملوا لقطع رسول الله صلى الله عليه و سلم يدها بنفسه و ليس بوكالة و لا إنابة ، و ما ذلك إلا لقوة العدل ، والذي يعلو فوق جميع البشر، حتى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم العاطفي بفضل قلبه الإيماني الذي يعلو فوق كل شئ .
و قد صدق الله تعالى حين قال ( و لكم فى القصاص حياة يا أولي الألباب) البقرة . الآية : 179
نقول للمتعاطفين أين حقوق أولياء الدم؟؟ ضع نفسك مكانهم أخا أو ابنا أو زوجا أو أبا لتعلم جيدا مرارة الظلم ، وشدة الحاجة للقصاص . ثم ما الجرم فى اتهام أحد كائناً من كان و محاكمته و يبقى الحكم للقضاء العادل؟؟
و المتهم برىء حتى تثبت إدانته
و على الجانب الآخر، نقول للشامتين الذين وصل بهم الحال إلى محاولة اختراق الغيب و التجرؤ على الله تعالى بسخريتهم من إمساك أحد أبناء الرئيس السابق للمصحف ، بل وجزمهم باستحالة قبول توبتهم!
( إن الذين فتنوا المؤمنين و المؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم و لهم عذاب الحريق )البروج . الآية :10
انظر كيف أعلن الله قبول توبتهم لو تابوا، مع كونهم عذبوا و حرقوا أولياءه، فما أرحمه جل فى علاه.
بل إن المشركين فى غزوة أحد ، فعلوا ما فعلوا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم حبيب الرحمن ، و لما دعا النبى صلى الله عليه وسلم عليهم مراراً و قال : " كيف يفلح قوماً شجوا وجه نبيهم؟!" فاستعجل عذابهم ، نزل جبريل عليه السلام بقوله جل شأنه ( ليس لك من الأمر شىء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) آل عمران . الآية : 128
بل إن الأخ الذى أقسم أن الله لن يغفر لأخيه العاصى نادى ربه فى عليائه ( من ذا الذى يتألى علي : ألا أغفر لفلان ؟ فإني قد غفرت لفلان و أحبطت عملك) مسلم
إخوة الإسلام ,,,,,,
رشدوا عواطفكم و انظروا إلى ما جرى بعين الاعتبار و العظة ، بلا إفراط و لا تفريط ، فلا يفرط أحد بالشماتة ، والسخرية ، ورفض التوبة ، ولا يفرط أحد بالتعاطف الزائد، والتهاون في تطبيق أحكام الله ، وتضييع حقوق أصحاب الحق في القصاص ، و لا تنسوا أنفسكم ، و ظلمها لنفسها و لغيرها ، فكفوا عن الظلم فقد رأيتم جزاءه و لا تنسوا ربكم الجليل القادر ، القدير ، المقتدر ، الجبار ،،
فكبروه و سبحوه و احمدوه ..
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد عبد العزيز أبو النجا
الخبير بجمع فقهاء الشريعة وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة
الخبير بجمع فقهاء الشريعة وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق